اذا الشعب يوما اراد الحياة

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر حادثة الفرار المثير التي شهدتها تونس عندما أجبر شعبها الذي أراد الحياة فلم يستطع رئيسها أن يقاوم القدر فترك البلاد بحثا عن مكان بعيد عن ثورة الشارع، ولم يستطع الليل أن يصمد أمام شمس الحق ولا القيد سوى أن ينكسر، أكد أن ما قاله الشاعر التونسي أبوالقاسم الشابي لم يكن من أضغاث الشعراء الذين يتبعهم الغاوون بل الذين استثناهم القرآن الكريم في سورة الشعراء فتحقق ما لم يستطع حتى منجمو تونس المشهورين من التنبؤ له في تنجيماتهم التي أطلقوها منذ شهر فقط..

القسم الرياضي


بأقلام حفيظ دراجيٍderradjih@gmail‭.‬

للشباب‭ ‬سلطتهم‭ ‬أيضا‭!

  • حاولت التوقف عن الكتابة في الشأن الشبابي والاجتماعي عندنا والعودة إلى المواضيع الرياضية كعادتي، لكنني وجدت نفسي مرغما على الخوض في نفس الموضوع على الصفحات الرياضية لجريدة كل الجزائريين بسبب تداعيات ما يحدث في تونس وانعكاساته علينا جميعا.
  • وبسبب توقف مباريات البطولة عندنا واقتصار الحديث في بلد بحجم الجزائر على من سيكون مساعدا أو مستشارا لبن شيخة، وعن الملعب الذي سيحتضن المباراة المقبلة أمام المغرب، وكأن الأمر يهم كل الجزائريين ويشغل بالهم ولا ينامون بسببه، فوجدتُ نفسي أترّفع عن هذه الأمور التي لا تهم القارئ والمتتبع الجزائري الذي صار أكثر وعيا وتبصرا وحكمة، وبلغ حدَّ إعادة النظر في الموازين والمفاهيم التي نعرفها إلى غاية اليوم حول تصنيف وترتيب السلطات في مجتمعاتنا، وتأثير الوسائط الإعلامية على شبابنا، مع تقلص دور الإعلام بمفهومه التقليدي ومكوّناته المعروفة من تلفزيون‭ ‬وإذاعة‭ ‬وصحف‭ ‬لصالح‭ ‬تكنولوجيات‭ ‬التواصل‭ ‬الحديثة‭..‬
  •   الجميع كان يعرف لغاية اليوم أن الإعلام هو السلطة الرابعة في المجتمع بعد السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، ولكن الوسائط الإعلامية الحديثة منحت الشباب التونسي وشباب العالم سلطة لا تقل شأنا عن كل السلطات، بفضل الاستعمال المتميز والشامل للمواقع الإلكترونية والمدوّنات وصحف الفيس بوك واليوتوب وكل الشبكة الاجتماعية الحديثة للتواصل والتجنيد وتبادل الأخبار والصور، رغم الحظر المفروض على الإعلام والتكنولوجيات الحديثة للتواصل في تونس، فكان الممنوع مرغوبا وبفضل الممنوع حقق التونسيون ما كانوا يرغبون فيه. ولكن غياب المشروع البديل والنخبة الرائدة قد يفسد العرس ويرهن المكتسبات، وهو ما يقودنا إلى استخلاص الدروس في الجزائر التي اكتوت بنيران الفوضى والعنف والفراغ السياسي مرارا، وبرهن أبناؤها أن لديهم وعيا وتبصرا كبيريْن يجب استحضارهما والاستثمار فيهما قبل فوات الأوان.
  •   تكنولوجيات الاتصال الحديثة وسائل كانت تبدو بلا معنى، وتحولت إلى أدوات للتواصل والتعبير السياسي والتجنيد الاجتماعي بين الشباب في تونس والجزائر والعالم بأسره، ولم يعد الغلق وتضييق الحريات يجدي نفعا أمام جيل يرغب في كل ما هو ممنوع.. جيل لم يعد له ما يخسره عندما وصل إلى درجة الانتحار بإحراق النفس كوسيلة جديدة للتعبير، بعدما وجد وسائل الإعلام الثقيلة والبلديات والولايات والوزارات مغلقة في وجهه، فراح يكتشف قدراته ويتحاور ويتبادل الأفكار والأخبار بطرق سهلة سريعة وحديثة لا تقل تأثيرا ومفعولا؛ أطاحت بالنظام التونسي‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تصنع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬البدائل‭.‬
  •   صحيح أن التجربة التونسية فريدة من نوعها، ومعطياتها ومسبباتها تختلف عن ظروفنا وخصوصياتنا، والمحن التي عشناها علمتنا كثيرا وتغنينا عن حرق أجسادنا وتدمير مكتسباتنا، ولكن وعي أبنائنا لوحده لن يكفي للتصدي للموجة والموضة الجديدة، بل يجب تعزيزه بالمزيد من الحريات‭ ‬والقليل‭ ‬من‭ ‬الغلق،‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬لتعليم‭ ‬أبنائنا‭ ‬وتكوينهم‭ ‬وتثقيفهم‭ ‬وتوظيفهم‭ ‬وإسكانهم‭ ‬والترفيه‭ ‬عنهم‭ ‬وحمايتهم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الآفات‭.‬
  •   لقد حان الوقت للتعامل معهم كسلطة جديدة ليس لها لون سياسي، سلطة متحررة من كل العقد ومنفتحة على التكنولوجيات الحديثة للاتصال والتواصل التي زادتها قوة وتأثيرا، ونتعامل معها كقوة فعالة خاضت ثورات ومعارك نجحت فيها قبل الثورة الإعلامية الحديثة، أثناء ثورة التحرير ثم ثورة التشييد، وأثناء انتفاضة أكتوبر ومحنة سنوات التسعينيات، وحين استجابت لنداءات الوئام والمصالحة، وخلال كل الكوارث والمواعيد الكبرى التي شهدتها الجزائر على مدى السنوات العشرين الماضية، ونتعامل معها كشريحة واعية ومسؤولة خرجت متذمرة إلى الشوارع مطلع هذه السنة، وعادت إلى رشدها لأنها أدركت أن الجزائر أهم من الزيت والسكر والوظيفة والسكن، وأدركت أن تجاربنا المُرة التي خضناها تغنينا عن العنف والنهب والتكسير وعن الانتحار حرقا، لأن المستقبل لا محالة لهؤلاء الشباب.. طال الزمن أو قصر.
  •   أبناؤنا صاروا يعيشون داخل قرية بفضل التكنولوجيات الحديثة للاتصال، وصاروا يعرفون أشياء كثيرة ويعرفون ما يحدث في الجزائر وباقي دول العالم كل دقيقة، وسلطتهم المعنوية علينا يجب أن نقر بها ونقدرها حق قدرها، ونتفاعل معها بالإصغاء والحوار قبل الاستجابة أو التوجيه، خاصة أنهم أوقفوا احتجاجاتهم الأخيرة بمحض إرادتهم بفضل تواصلهم المستمر عن طريق الفيس بوك واليوتوب والمواقع الإلكترونية بعدما سدت في وجوههم قنوات الاتصال التقليدية وضاقت صدورهم بكثرة المتاعب والمشاكل.
  •   وعندما ندعوا السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية إلى المزيد من الاهتمام بالإنسان الجزائري وتأطيره وتكوينه والإصغاء إليه وإتاحة الفرصة للجميع دون إقصاء، فإننا نجدد أيضا نداءنا للشباب كسلطة أخرى بضرورة التحلي بالحكمة لأننا ضحينا بالغالي والنفيس من خيرة أبنائنا، وإذا اقتضت الضرورة أن نضحي بعرقنا ودمائنا فسنفعل ذلك دون انتحار وحرق أو عنف وتدمير، ودون إساءة بعضنا لبعض. كما ندعوا الإعلام التقليدي للعودة إلى ممارسة مهامه الأساسية، بعيدا عن التضليل والتزييف والتهويل والتطبيل وتقديس الأشخاص، ليستعيد مركزه وسلطته‭ ‬ويعود‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬إلى‭ ‬القيام‭ ‬بواجباته‭ ‬نحو‭ ‬الوطن‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭.. ‬ 

اعلانات هامة منير ميديا : نضع بين ايديكم استطلاع للرأي اسفل الصفحة فلاتبخلونا بأرائكم البناءة ****** منير ميديـــا : من يريد عرض اشهـار او اعلان فـالمدونة متـاحة لذلك     

كلنا‭ ‬خسرنا‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬رباعي

من الذي أطلق على المدرب السابق لمنتخب الكرة لقب الجنرال؟ من الذي جعل لاعبين، بعضهم حفت الأقدام وجفّ الحلق لأجل إقناعهم باللعب للجزائر، في منصب أسمى من العلماء الذين ربط الله علاقتهم بجلالته بالخشية؟ من الذي حرم الطلاب والعمال من القطارات والحافلات، وخصّ لاعبي الكرة بطائرة خاصة تسري بهم نحو إسبانيا وتعرّج بهم نحو مراكش؟ ومن الذي تسبب في هجرة مئة ألف إطار جزائري إلى مخابر وجامعات ومستشفيات العالم.. وسعى ـ ومازال يسعى ـ لإقناع لاعب كرة لم تطأ قدماه أرضنا ولا يتكلم لسانه لغاتنا لأجل تقمص ألواننا؟

  • .. أسئلة تُورّطنا الإجابة عنها في ما صرنا نسمّيه بفضيحة مراكش، حيث أهين فريق كرة خصّه المتورطون فيه، وهم الشعب والدولة، بالتمجيد والمال، وعجز هو عن الرد بالفعل، أو بالقلب وذلك أضعف الإيمان، في لعبة صارت علما وصناعة قائمة بذاتها، تُنتج في كل دول العالم المال والمتعة، إلا‭ ‬عندنا‭ ‬فهي‭ ‬تحرق‭ ‬الثروة‭ ‬والأعصاب‭.‬
  • الذين‭ ‬خلصوا‭ ‬بعد‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الاستقلال‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬النفط‭ ‬هو‭ ‬نقمة‭ ‬وليس‭ ‬نعمة،‮ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يُضيفوا‭ ‬الكرة‭ ‬إلى‭ ‬قائمة‭ ‬النقمات‭ ‬التي‭ ‬ابتلينا‭ ‬بها،‮ ‬وعجزنا‭ ‬عن‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬نعمة‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭.‬
  • وعندما يتحد الشعب والدولة في تدعيم منظومة كروية فاشلة، بما يملكون من قوة معنوية ومالية، عليهم ألا يُحاسبوا بعد ذلك مدربا قدّم شبه خطة تكتيكية مُبهمة، ولاعبين تحركوا مثل عرائس الڤراڤوز، حتى لا يكونوا مثل جاهليي قريش الذين كانوا ينحتون من التمر آلهة يعبدونها‭ ‬زمنا‭ ‬من‭ ‬أعمارهم،‮ ‬ويأكلونها‭ ‬أزمانا‭ ‬أخرى‭.‬
  • وبالصريح المفهوم، من الذي سلّم لهذا المدرب سلطة القيادة؟ وأحضر هؤلاء الذين تتلمذوا في المهجر.. ولعب نصفهم بألوان المستعمر القديم، وبعد ذلك يتجرّأ ويجرّهم للمحاكمة بتهمة، هو الذي ارتكبها مع سبق الإصرار والترصد؟
  • الحزن الشديد المخيّم على الجزائريين منذ نهاية مباراة مراكش، هو الذي من المفروض أن يثير الغيض والحزن، لأن خساراتنا في المجالات الحياتية الحيوية بأكثر من رباعية، من المفروض أن لا يثير الحزن فقط، وإنما الذبحة الصدرية، فإذا كانت ثمرة الأموال القارونية التي خصّت منتخب الكرة قد جاءت مسمومة بالنتيجة والأداء، فإن إهمال بقية الرياضات وبقية القطاعات الحساسة، من صناعة وفلاحة وتعليم وثقافة، يجعلنا في قمة التشاؤم، خاصة أن لا أحد أصيب بدوار الرأس أو مجرد الانزعاج في حالات الخسارة الحقيقية، كما أصيب في خسارة مراكش التي هي‭ ‬بالتأكيد‭ ‬مذلة‭.‬
  • لست أدري لماذا نتهم فاشلا في عالم التدريب أو متخاذلا في مركز الدفاع أو قلب الهجوم باللاوطنية.. ولا نتهمّ أطباء بذات التهمة وأمراض القرون الوسطى صارت تقتل مرضانا.. ولا نتهم أساتذة يبيعون العلم في دهاليز واسطبلات الدروس الخصوصية، ولا نتهم تجارا إذا اكتالوا على‭ ‬الناس‭ ‬يستوفون،‮ ‬وإذا‭ ‬كالوهم‭ ‬أو‭ ‬وّزنوهم‭ ‬يُخسرون،‭ ‬ولا‭ ‬نتّهم‭ ‬مسئولين‭ ‬جعلونا‭ ‬أفقر‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬أغنى‭ ‬البلدان‮!!‬؟
  • قد يكون المنتخب الوطني خسر برباعية مذلة، رغم ما توفّر له من دعم مالي ومعنوي سُلطوي وشعبي، لكن خسارتنا بالرباعية والخماسية والمليونية في مجالات كثيرة حيوية، هي التي من المفروض أن تشغلنا، فالإنسان بإمكانه أن يعيش بلا كرة وبلا كأس العالم، كما عاشت أمم قوية في‭ ‬السابق،‭ ‬وكما‭ ‬تعيش‭ ‬حاليا‭ ‬أمريكا‭ ‬والصين‮ ‬وروسيا‭ ‬والهند،‭ ‬ولكنه‮ ‬أبدا‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بلا‭ ‬اقتصاد‭ ‬ولا‭ ‬ثقافة‭ ‬ولا‭ ‬علم‭ ‬ولا‭ ‬روح‭.‬